وصفة من أمير الشعراء
شكوت أمري إلى ربي فدلني إلى الشاعر احمد شوقي ليرشد ني إلى حقيقة أمري وسبب علتي , وقبل أن يعطيني وصفة لعلاج سؤ حالي , طلب مني أن اشرح له بصورة واضحة عن ألمي . فأجلسني على كرسي العلاج وقال تحدث ما تريد فبدأت الحديث عن نفسي وقلت له إنني دائما اشعر, كلما اقتربت من غايتي فشلت في الوصول إليها
فضربت له أمثال عدة كي أوضح له شكوتي فلم يبدي لي أي اهتمام فأزعجني بنظراته لي وعدم اهتمامه لحديثي وكأنني استعطف منه عطفه فراجعت نفسي فبدأت بتخفيف حدتني فلم يبدي أي اهتمام
في حقيقة الأمر هذه هي مشكلتي .احترم الأخر فيراها ضعف مني واحرص على ان لا يكون بيني وبينه إلا كل خير ومحبة .ولكنه يراها عجزا في صورتي . ماذا افعل يا أمير الشعراء .
لا أريد أن أكون كما كان فبلي , بسطاء , يأتون الناس من أدناهم , ويعملون لعامتهم ويطمحون لإرضائهم , وبعدما رأوا ما رأيت , عم الغضب عليهم والتمسوا عذرا لأفعالهم المسيئة , كأنهم يقولون افعلوا ماطاب لكم هذه هي الحقيقة . فزين الشيطان لهم إعمالهم
لا أريد أن أكون لئيما فاحمل غيري مصيبتي وانتقم لنفسي من أناس ليس لهم أي علاقة بما حدث لي و أناصر الظالم على ظلمه وأفتي وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
لا أريد أن ادخل الجنة لان غيري ارتكب معصية فأحق عليه العذاب ولأنني لم ارتكبها فدخلتها او ادخل النار لان غيري أحسن لي فأخذت الحسنة بالسيئة فاستحقي علي العذاب . أريد أن ادخل الجنة لأنني استحقها ولا ادخل النار لأنني حقيقتا لا استحقها .
أريد أن احصل على حصتي في هذه الدنيا وما استحق لا زيادة ولا نقصان ولا انظر ألا إلى صحني , ولا التفت إلى صحن غيري . ولا أأكل ألا حاجتي التي كتبت لي , وإذا طلب مني أحدا حاجة منه أعطيته بطيب نفس وليس رغم عني ,لا اسمح بذلك . أيها المحتاج أنا أدرك انك يوما سوف تدير وجهك عني بعدما أخذت غايتك مني , ولكنني أقول لك اجلس بجانبي وخذ حاجتك لأنه هذا من فضل ربي وان شكرته زادني وليس بهمتي
لا أريد أن يقال عني ساذجا فالسذاجة بالنسبة لي أن تـأ خذ ولا تعطي وان تأكل ولا تشكر وان تلبس ولا تصنع وان تجلس بجانب الأخر وفي يدك سكينا تنتظر منه أن يمشي إمامك كي تعطيه تحيتا في خاصرته وان مات كنت أول حاملين النعش و أول الحاضرين في الجنازة
أريد أن أقراء كتابا وإنا من اشتراه واسكن في بيت وإنا من بناه وأكل خضار وإنا من زرعتها , والبس ثيابا وإنا من صنعها , واشكر من أحسن لي وأعطيه قدرة استطاعتي وأقول له شكرا يا سيدي بلهجتي ولغتي
لا أريد أن اغضب لان أسوأ ما في غضبي فأحذر دائما نفسي من غضبي قبل غيري أتأسف لأنه أول من يغضب هو قلبي وليس عقلي , واعتقد دائما أن صحني مفتوح للآخرين , كلوا واشربوا هنيئا لكم , وان شكرتكم لأزيدنكم , هكذا قال لي خالقي وهذا ما علمني إياه
لا أريد أن يراني أحدا ضعيفا لان ضعفي هو جنوني , ولا أريد أن يسمع مني أحدا أي كلمة لأنه مجرد ما نطقتها فهي وعدا مني فأحب بان أوفي بوعدي واصدق في كلمتي وان اؤتمنت على شيء كنت خيرا من اؤتمن وردتها إلى صاحبها وإذا وعدت أحدا كنت عند وعدي . فأكره المنافقين .
اكره خبث الرجال الذين يأتون الناس بمكرهم ويرون الجميل بالقبيح والقبيح بالجميل ويعلمون أن ليس لهم مكان في الساحات البيضاء المضيئة بالأنوار والرائحة العطرة النابعة من صفاء القلوب . أحب عسل النحل لأنه لم يأتي ألا من رحيق الزهور والماء العذب .
أحب أن أكون كما يجب أن أكون وليس كما يريد الأخر مني أن أكون . وان امنع القادمين من الظلمات ليمنعوا بريق الأنوار من القدوم لعلى وعسى أن يعم النور على السواد المتأصل من جذور الظلم وأهله , لأنه تؤخذ الفروع من أصلها .
أريد أن أكون ثابتا ولا أترنح ولا أتساقط كأوراق الشجر في فصل الخريف أتقلب وأطير في الهواء واهبط ثم أطير ثم اهبط ولا أريد أن يساومني أحدا على أمر كنت قد أخذت موقفا وإنا مؤمن بذاتي فتحقيق الذات لا يأتي ألا من الذات
عندها بدأ الشاعر ينظر إلى اليمين والشمال ويبحث عن كلمة كي يصف لي ما يجول في خاطره , وبدأت اقلب في صفحات الكتاب وانظر إلى كلماته كي أجد الجواب عندها وجدت صعوبة قصوى وبدا الأرق والتعب يظهر علي وكأنني استجدي مغيث ولكني في حقيقة الأمر ابحث عن جواب فلم أجد فكررت السؤال مرة بعد مرة وبدأت انتقد الذات ربما أكون قد توصلت إلى ما أريد فلم أجد . ثم عدت إلى ذلك الكتاب وأتساءل أين الجواب .
فبدأت الابتسامة على وجه ذلك الشاعر بالظهور وكأنه يقول ربما أجد لك علاج وعند أخر المطاف وجدت عنده جوابا شافيا اشفي به نفسي من كل الأسئلة القادمة من بعيد واخذ يتقرب مني ربما يريد أن يهمس في إذني ثم اخذ بصمت طويل وابتعد عني ثم بدا يتقرب مني ووضع فمه عند إذني فقال لي بصوت خافض واضح , ليس فيه ضجيج
يا بني يا بني الم تقرأ ذلك البيت - وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا – عندها أدركت انه لا يمكن مقاومة النعاس وأغلقت الكتاب ووضعت راسي على يدي اليمنى ولم اصحوا ألا في الصباح .
بقلمي : هاني شاكر سعادة